"إخوان أون لاين" يكشف المتلاعبين بسوق الدواجن
</A></A> |
محمد غريب المدير السابق لبورصة الدواجن:
- الخياط، الهلالي، شرف الدين، العناني والعبد.. أبرز المساومين
- قاضيتُ المحافظ وعبد الغفار يوسف والاتحاد العام لمنتجي الدواجن
- هدَّدوني بالاعتقال والقتل وقالوا لي: كل الناس تعمل في الفراخ إلا أنت!
- سيطرة رجال السلطة على البورصة أدَّت إلى احتكار مقومات الصناعة
- كنت أحدِّد سعر الدواجن وأنا في صحن الكعبة.. وهربتُ خوفًا من القتل
حوار- أحمد الجندي:
صناعة الدواجن هي الصناعة الوحيدة التي استطاعت أن تحقق لمصر اكتفاءً ذاتيًّا من اللحوم البيضاء، بل وصدَّرت منتجاتها من الدواجن والبيض إلى دول المنطقة العربية بأكملها ودول الاتحاد الأوروبي، وخاصةً بلجيكا وهولندا؛ حيث تعدَّان أصل الدواجن البيضاء.
وعلى الرغم من أن أول سلالة "كتاكيت" تمَّ تسمينها في مصر، وتحديدًا بقرية ميت العطار بمحافظة القليوبية؛ هي من سلالة هولندية، إلا أن المزارع المصرية بإمكانياتها البسيطة تفوَّقت على المزارع الأوروبية.
ويرجع هذا النجاح المبهر في مجال الاستزراع الداجني في مصر إلى أنها الصناعة الوحيدة التي قامت على أكتاف صغار المنتجين، بعيدًا عن سوء الإدارة الحكومية، وسيطرة رجال السلطة والمال الاحتكاريين، وظلت هذه الصناعة شامخة حتى أغرى نجاحها رجال السلطة والمال، فبدأت المؤامرات تُحاك بالصناعة من قِبل الاحتكاريين الذين قاموا بشراء الشركة العامة للدواجن التي أُنشئت عام 1964م بالتواطؤ مع المسئولين، وقاموا بالاستيلاء على الشركة ومؤسساتها الضخمة بأزهد الأثمان، مثل شراء محمد الشافعي وكيل أعمال الشيخ صالح كامل لشركة الإسماعيلية للدواجن، والتي كانت تابعةً للشركة العامة للدواجن بـ500 مليون جنيه بأقل من قيمتها الحقيقية التي تُقدَّر بمليارات الجنيهات.
وهكذا بدأ استقطاب ملكية الشعب، وتحويلها إلى ملكية خاصة لرجال أعمال مصريين وعرب وأجانب أمثال الكويتي محمد الخرافي وشركة أمريكانا وغيرهم، والذين اتحدوا بعد ذلك، وأشهروا الاتحاد العام لمنتجي الدواجن الذي تحكَّم في مقومات صناعة الدواجن في مصر، وأخذ على عاتقه تدمير صغار المنتجين من أجل احتكار الصناعة، وبدءوا في افتعال الأزمات لتحقيق
ذلك، وساعدهم شركاؤهم من حكومة رجال الأعمال، ونجحوا في ذلك بالفعل، واستطاعوا أن يتحكموا في قوت الشعب المصري المغلوب على أمره.
ومن الأمور التي ساعدت على تكريس الاحتكار إنشاء بورصة الدواجن الرئيسية بمحافظة القليوبية، وإحكام سيطرة رجال الأعمال عليها، وإقصاء كل مواطن مصري يستهدف الارتقاء بها، ويسعى لمنع الاحتكار والقضاء عليه.
من هؤلاء المواطنين محمد غريب المدير السابق لبورصة الدواجن، قبل أن تسيطر عليها الحكومة، وعندما حاول غريب طرح مشروع لإنشاء بورصة جديدة لتطوير صناعة الدواجن بهدف القضاء على الاحتكار، والمحافظة على صغار المنتجين، وبدلاً من أن يلقَى مشروعه الترحيب؛ فوجئ بهجومٍ شديدٍ من قِبل السلطات التنفيذية، وتلقَّى تهديدات بالقتل، بل والاعتقال من قِبل الأجهزة الأمنية، وكيلت له الاتهامات، وكأنه ارتكب جُرمًا يُعاقب عليه القانون.
(إخوان أون لاين) التقى غريب للتعرف على تفاصيل المؤامرة عليه وعلى صناعة الدواجن في مصر.. فإلى التفاصيل:
* بدايةً، منذ متى وأنت تعمل في مجال تسويق الدواجن؟
** منذ عام 1978م وأنا أعمل في مجال تسويق الدواجن؛ حيث أقوم بدور الوسيط بين التجار وأصحاب المزارع، وبدأت بدايةً بسيطةً؛ حيث كنتُ أقيم علاقاتٍ مع التاجر البسيط والمربي البسيط على مستوى الجمهورية من أسوان إلى مطروح.
* 31 عامًا وأنت تعمل في هذا المجال.. ما التغيرات التي طرأت على تسويق الدواجن خلال تلك الفترة؟
- الخياط، الهلالي، شرف الدين، العناني والعبد.. أبرز المساومين
- قاضيتُ المحافظ وعبد الغفار يوسف والاتحاد العام لمنتجي الدواجن
- هدَّدوني بالاعتقال والقتل وقالوا لي: كل الناس تعمل في الفراخ إلا أنت!
- سيطرة رجال السلطة على البورصة أدَّت إلى احتكار مقومات الصناعة
- كنت أحدِّد سعر الدواجن وأنا في صحن الكعبة.. وهربتُ خوفًا من القتل
حوار- أحمد الجندي:
صناعة الدواجن هي الصناعة الوحيدة التي استطاعت أن تحقق لمصر اكتفاءً ذاتيًّا من اللحوم البيضاء، بل وصدَّرت منتجاتها من الدواجن والبيض إلى دول المنطقة العربية بأكملها ودول الاتحاد الأوروبي، وخاصةً بلجيكا وهولندا؛ حيث تعدَّان أصل الدواجن البيضاء.
وعلى الرغم من أن أول سلالة "كتاكيت" تمَّ تسمينها في مصر، وتحديدًا بقرية ميت العطار بمحافظة القليوبية؛ هي من سلالة هولندية، إلا أن المزارع المصرية بإمكانياتها البسيطة تفوَّقت على المزارع الأوروبية.
ويرجع هذا النجاح المبهر في مجال الاستزراع الداجني في مصر إلى أنها الصناعة الوحيدة التي قامت على أكتاف صغار المنتجين، بعيدًا عن سوء الإدارة الحكومية، وسيطرة رجال السلطة والمال الاحتكاريين، وظلت هذه الصناعة شامخة حتى أغرى نجاحها رجال السلطة والمال، فبدأت المؤامرات تُحاك بالصناعة من قِبل الاحتكاريين الذين قاموا بشراء الشركة العامة للدواجن التي أُنشئت عام 1964م بالتواطؤ مع المسئولين، وقاموا بالاستيلاء على الشركة ومؤسساتها الضخمة بأزهد الأثمان، مثل شراء محمد الشافعي وكيل أعمال الشيخ صالح كامل لشركة الإسماعيلية للدواجن، والتي كانت تابعةً للشركة العامة للدواجن بـ500 مليون جنيه بأقل من قيمتها الحقيقية التي تُقدَّر بمليارات الجنيهات.
وهكذا بدأ استقطاب ملكية الشعب، وتحويلها إلى ملكية خاصة لرجال أعمال مصريين وعرب وأجانب أمثال الكويتي محمد الخرافي وشركة أمريكانا وغيرهم، والذين اتحدوا بعد ذلك، وأشهروا الاتحاد العام لمنتجي الدواجن الذي تحكَّم في مقومات صناعة الدواجن في مصر، وأخذ على عاتقه تدمير صغار المنتجين من أجل احتكار الصناعة، وبدءوا في افتعال الأزمات لتحقيق
ذلك، وساعدهم شركاؤهم من حكومة رجال الأعمال، ونجحوا في ذلك بالفعل، واستطاعوا أن يتحكموا في قوت الشعب المصري المغلوب على أمره.
ومن الأمور التي ساعدت على تكريس الاحتكار إنشاء بورصة الدواجن الرئيسية بمحافظة القليوبية، وإحكام سيطرة رجال الأعمال عليها، وإقصاء كل مواطن مصري يستهدف الارتقاء بها، ويسعى لمنع الاحتكار والقضاء عليه.
من هؤلاء المواطنين محمد غريب المدير السابق لبورصة الدواجن، قبل أن تسيطر عليها الحكومة، وعندما حاول غريب طرح مشروع لإنشاء بورصة جديدة لتطوير صناعة الدواجن بهدف القضاء على الاحتكار، والمحافظة على صغار المنتجين، وبدلاً من أن يلقَى مشروعه الترحيب؛ فوجئ بهجومٍ شديدٍ من قِبل السلطات التنفيذية، وتلقَّى تهديدات بالقتل، بل والاعتقال من قِبل الأجهزة الأمنية، وكيلت له الاتهامات، وكأنه ارتكب جُرمًا يُعاقب عليه القانون.
(إخوان أون لاين) التقى غريب للتعرف على تفاصيل المؤامرة عليه وعلى صناعة الدواجن في مصر.. فإلى التفاصيل:
* بدايةً، منذ متى وأنت تعمل في مجال تسويق الدواجن؟
** منذ عام 1978م وأنا أعمل في مجال تسويق الدواجن؛ حيث أقوم بدور الوسيط بين التجار وأصحاب المزارع، وبدأت بدايةً بسيطةً؛ حيث كنتُ أقيم علاقاتٍ مع التاجر البسيط والمربي البسيط على مستوى الجمهورية من أسوان إلى مطروح.
* 31 عامًا وأنت تعمل في هذا المجال.. ما التغيرات التي طرأت على تسويق الدواجن خلال تلك الفترة؟
** كانت البداية صعبة في تسويق المنتج الداجني في هذا الوقت؛ حيث كان المنتج غريبًا على المستهلك، ولم يكن أحد يعرف الدواجن البيضاء، وعندما تمَّ طرحه في الأسواق لأول مرة ظن المستهلكون أنه الطائر الحقلي المعروف لديهم "بأبو قردان".
وبالإضافة إلى غرابة المنتج على المستهلكين كانت هناك عوامل أخرى؛ مثل عدم وجود دعاية للمنتج، وصعوبة الاتصال مع التجار والمنتجين؛ حيث لم تكن وسائل الاتصال قد تطورت بالشكل المعروف حاليًّا؛ الأمر الذي كان يتطلب مني في البداية الخروج إلى محافظات ومدن وقرى الجمهورية من أجل إيجاد عملاء جدد، ولا أكون مبالغًا إذا قلت لا توجد قرية على مستوى الجمهورية لم أزرها، ولا طريق إلا وسرت عليه، وبذلتُ في ذلك الوقت والجهد لسنوات عديدة؛ حيث كنتُ أسافر إلى الصعيد لمدة يومين أو ثلاثة لإحضار تاجر ليحمل 1000 دجاجة من قرية ميت العطار.
وكونت علاقاتٍ وثيقة مع التجار المربين، فالجميع كان يعرف محمد غريب بأمانته، فقد كنتُ أضمن التجار بدون نقود لدى أصحاب المزارع، وتضررتُ كثيرًا من هذا؛ حيث كنت أدفع أموالاً كثيرةً من جيبي للمربين حتى لا تهتز الثقة بيني وبينهم، وهذه الثقة هي التي جعلتني أحدد سعر الدواجن لسنواتٍ طويلة دون أن يختلف عليَّ أحد من المربين أو التجار.
معايير الأسعار
* وما المعايير التي كنت تحدد بناءً عليها سعر الدواجن؟
** الذي يحدد سعر الدواجن أو أي سلعة في السوق هو العرض والطلب، والذي تؤثر فيه عدة عوامل؛ منها حالة المناخ، وطبيعة إنشاء المزارع، والحالة الاقتصادية للمواطنين، ومرتبات الأفراد من جميع الطبقات.
فكنت في كل ليلة أسهر حتى الصباح مراقبًا للأخبار، ومطلعًا على جميع طرق مصر، وعلى أحوال تحميل سيارات الدواجن، وتلقي المكالمات الهاتفية من جميع التجار على مستوى الجمهورية؛ كي أكون على دراية تامة بعدد السيارات التي خرجت اليوم، والتي ستخرج غدًا، وكذلك أعرف كمية الدواجن المعدة للبيع في اليوم التالي، ومن خلال ذلك يتضح أمامي كمية العرض والطلب في السوق، هذا مع الأخذ في الاعتبار أشياء أخرى عديدة؛ مثل تكلفة المنتج (أسعار الكتاكيت، وإيجارات المزارع، وثمن الأعلاف، والأدوية، وأجرة العمال حتى السبلة المفروشة في المزارع)، وأسعار وقود السيارات وأسعار إيجارها، وكذلك إيجارات المجازر والعاملين بها، بالإضافة إلى الحالة الاقتصادية للبلاد، ومدى إقبال المستهلكين على الشراء.
* ذكرت لنا قبل بدء الحوار أنك حققت استقرارًا في أسعار الدواجن طوال فترة إدارتك للبورصة قبل أن تقع تحت سيطرة الحكومة.. كيف ذلك؟
** أسعار الدواجن تُقاس بمثيلاتها من منتجات البروتين الحيواني، فقد كانت أسعار الأسماك تتراوح ما بين 5 و10 جنيهات لأجود الأنواع، أما سعر اللحوم فكان ثابتًا على 10 جنيهات لمدة 10 سنوات و15 جنيهًا لـ10 سنوات أخرى، وهذا بسبب ثبات المنتج المنافس لهم وهي الدواجن التي لم يزد سعرها عن 5 جنيهات للكيلو طوال هذه الفترة، وبفضل الله حقَّقنا ثباتًا نسبيًّا في سعر الدواجن لمدة 20 عامًا.
ارتباك السوق
* معنى ذلك أن غياب محمد غريب عن السوق لظرف ما قد يُحدث ارتباكًا في أسعار الدواجن؟
** بالفعل، إذا حدث لي ظرف منعني من الذهاب إلى السوق، وحال دوني ودون تحديد السعر تهتز الأسعار بارتفاع وانخفاض، ولا يوجد سعر ثابت؛ ما يترتب عليه حدوث خسائر لعدد كبير من المشتغلين بقطاع الدواجن على مستوى الجمهورية، وتظل الأسعار في ارتباك لمدة أسبوع كامل؛ حتى تعود إلى ما كانت عليه، وسبب هذا تعدد الأقوال، كما أنَّ من يحدِّد السعر لا يحظى بقبول جميع الأطراف مثلي، وليس لهم كلمة مسموعة من الجميع، فهذا ينطق سعرًا، وهذا ينطق سعرًا آخر وتتضارب الأقوال.
* رجل بمكانتك هذه قد يتعرَّض لإغراءات مالية من أجل تسيير السوق لصالح كبار التجار، هل تعرضت لذلك من قبل؟
** نعم، تعرَّضت لإغراءات مالية كبيرة من قِبل شركات الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، وعلى رأسهم شركة القاهرة للدواجن وشركة الدقهلية للدواجن؛ من أجل أن أجعل سعر السوق لخدمة مصالحهم الشخصية على حساب صغار المنتجين؛ ولكنني رفضت ذلك بشدة.
مصالح المنتجين
* كيف ذلك وأنت كنت تعمل خبيرًا ومثمن دواجن لشركة القاهرة مقابل 15 ألف جنيه في اليوم الواحد؟
** نعم، كنت أعمل خبيرًا ومثمن دواجن لشركة القاهرة للدواجن، فهم كانوا يدخلون للسوق بجهل، ولم يكن لديهم خلفية عن التسويق، وكان دوري أن أوازن بين الكميات التي ينتجونها للبيع مع مصالح صغار المنتجين؛ حيث كانت تكلفة كيلو الفراخ في مزارعهم 3 جنيهات، وهي أقل من تكلفتها في مزارع صغار المنتجين الذين يتكلف الكيلو عندهم من 3.5 إلى 4 جنيهات، والدورة عندهم من 30 إلى 35 يومًا؛ لأن مزارعهم مغلقة وحديثة، أما صغار المنتجين فدورتهم من 45 إلى 50 يومًا في المزارع المفتوحة، فكنت أوازن بين الشركات وصغار المنتجين؛ بحيث من الممكن أن تكسب الشركة جنيهًا ونصف الجنيه في الكيلو، وصغار المنتجين يكسبون جنيهًا واحدًا في الكيلو، ولو أنني تركت الشركة لباعت بـ3,5 جنيهات وحققت مكاسب لنفسها، وأحدثت خسائر لصغار المنتجين الذين لن يستطيعوا المنافسة أمام منتجات هذه الشركات، ولتوقفوا عن العمل، وتدمرت صناعة الدواجن، ورفضت رشاوى مالية كبيرة بأن أتجه لصالحهم في التسويق، واكتفيت بأن أنظم لهم نسبة الد***** والخروج؛ حتى لا يتأثر السوق ويضيع صغار المنتجين، وتصبح لهم الكلمة الأولى والأخيرة في إطعام الشعب المصري والتحكم في غذائه.
بورصة نموذجية
* ذكرت قبل الحوار أنك قمت بإعداد دراسة خلال (1998 و1999م)، وضعت خلالها مقترحات للارتقاء بنظام التسويق للوصول إلى التسويق النموذجي، من خلال بورصة للدواجن تستوعب كافة مدخلات ومخرجات هذه الصناعة، وتُدار بأسلوب علمي حديث ومدروس، يضمن لجميع العاملين في مجال الاستثمار الداجني حقوقهم، وتساوي بينهم، وتحفظ حقوق المواطنين وحق الدولة.. ما مصير هذه الدراسة الآن؟ وهل خرجت إلى النور؟
** في الحقيقة الدراسة لم تعرف النور؛ فهي خرجت من نور، وأدخلت في ظلام؛ ولكني أستطيع القول بأن أول معرفة المشتغلين في صناعة الدواجن بها كان في عام 2000م، وبالتحديد في معرض (إجرينا) بمركز المؤتمرات الذي دعاني إليه وزير الزراعة الأسبق يوسف والي؛ حيث ذهبت ومعي اثنان من العاملين في مجال الإنتاج الداجني من قريتي ميت العطار؛ وهما الحاج خالد البركاوي والحاج حمدي الحسيني، وقمنا بتوزيع 4000 نسخة من الدراسة على الحاضرين، فوصلت إلى الجميع وعلى رأسهم الاتحاد العام لمنتجي الدواجن.
وكونت علاقاتٍ وثيقة مع التجار المربين، فالجميع كان يعرف محمد غريب بأمانته، فقد كنتُ أضمن التجار بدون نقود لدى أصحاب المزارع، وتضررتُ كثيرًا من هذا؛ حيث كنت أدفع أموالاً كثيرةً من جيبي للمربين حتى لا تهتز الثقة بيني وبينهم، وهذه الثقة هي التي جعلتني أحدد سعر الدواجن لسنواتٍ طويلة دون أن يختلف عليَّ أحد من المربين أو التجار.
معايير الأسعار
* وما المعايير التي كنت تحدد بناءً عليها سعر الدواجن؟
** الذي يحدد سعر الدواجن أو أي سلعة في السوق هو العرض والطلب، والذي تؤثر فيه عدة عوامل؛ منها حالة المناخ، وطبيعة إنشاء المزارع، والحالة الاقتصادية للمواطنين، ومرتبات الأفراد من جميع الطبقات.
فكنت في كل ليلة أسهر حتى الصباح مراقبًا للأخبار، ومطلعًا على جميع طرق مصر، وعلى أحوال تحميل سيارات الدواجن، وتلقي المكالمات الهاتفية من جميع التجار على مستوى الجمهورية؛ كي أكون على دراية تامة بعدد السيارات التي خرجت اليوم، والتي ستخرج غدًا، وكذلك أعرف كمية الدواجن المعدة للبيع في اليوم التالي، ومن خلال ذلك يتضح أمامي كمية العرض والطلب في السوق، هذا مع الأخذ في الاعتبار أشياء أخرى عديدة؛ مثل تكلفة المنتج (أسعار الكتاكيت، وإيجارات المزارع، وثمن الأعلاف، والأدوية، وأجرة العمال حتى السبلة المفروشة في المزارع)، وأسعار وقود السيارات وأسعار إيجارها، وكذلك إيجارات المجازر والعاملين بها، بالإضافة إلى الحالة الاقتصادية للبلاد، ومدى إقبال المستهلكين على الشراء.
* ذكرت لنا قبل بدء الحوار أنك حققت استقرارًا في أسعار الدواجن طوال فترة إدارتك للبورصة قبل أن تقع تحت سيطرة الحكومة.. كيف ذلك؟
** أسعار الدواجن تُقاس بمثيلاتها من منتجات البروتين الحيواني، فقد كانت أسعار الأسماك تتراوح ما بين 5 و10 جنيهات لأجود الأنواع، أما سعر اللحوم فكان ثابتًا على 10 جنيهات لمدة 10 سنوات و15 جنيهًا لـ10 سنوات أخرى، وهذا بسبب ثبات المنتج المنافس لهم وهي الدواجن التي لم يزد سعرها عن 5 جنيهات للكيلو طوال هذه الفترة، وبفضل الله حقَّقنا ثباتًا نسبيًّا في سعر الدواجن لمدة 20 عامًا.
ارتباك السوق
* معنى ذلك أن غياب محمد غريب عن السوق لظرف ما قد يُحدث ارتباكًا في أسعار الدواجن؟
** بالفعل، إذا حدث لي ظرف منعني من الذهاب إلى السوق، وحال دوني ودون تحديد السعر تهتز الأسعار بارتفاع وانخفاض، ولا يوجد سعر ثابت؛ ما يترتب عليه حدوث خسائر لعدد كبير من المشتغلين بقطاع الدواجن على مستوى الجمهورية، وتظل الأسعار في ارتباك لمدة أسبوع كامل؛ حتى تعود إلى ما كانت عليه، وسبب هذا تعدد الأقوال، كما أنَّ من يحدِّد السعر لا يحظى بقبول جميع الأطراف مثلي، وليس لهم كلمة مسموعة من الجميع، فهذا ينطق سعرًا، وهذا ينطق سعرًا آخر وتتضارب الأقوال.
* رجل بمكانتك هذه قد يتعرَّض لإغراءات مالية من أجل تسيير السوق لصالح كبار التجار، هل تعرضت لذلك من قبل؟
** نعم، تعرَّضت لإغراءات مالية كبيرة من قِبل شركات الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، وعلى رأسهم شركة القاهرة للدواجن وشركة الدقهلية للدواجن؛ من أجل أن أجعل سعر السوق لخدمة مصالحهم الشخصية على حساب صغار المنتجين؛ ولكنني رفضت ذلك بشدة.
مصالح المنتجين
* كيف ذلك وأنت كنت تعمل خبيرًا ومثمن دواجن لشركة القاهرة مقابل 15 ألف جنيه في اليوم الواحد؟
** نعم، كنت أعمل خبيرًا ومثمن دواجن لشركة القاهرة للدواجن، فهم كانوا يدخلون للسوق بجهل، ولم يكن لديهم خلفية عن التسويق، وكان دوري أن أوازن بين الكميات التي ينتجونها للبيع مع مصالح صغار المنتجين؛ حيث كانت تكلفة كيلو الفراخ في مزارعهم 3 جنيهات، وهي أقل من تكلفتها في مزارع صغار المنتجين الذين يتكلف الكيلو عندهم من 3.5 إلى 4 جنيهات، والدورة عندهم من 30 إلى 35 يومًا؛ لأن مزارعهم مغلقة وحديثة، أما صغار المنتجين فدورتهم من 45 إلى 50 يومًا في المزارع المفتوحة، فكنت أوازن بين الشركات وصغار المنتجين؛ بحيث من الممكن أن تكسب الشركة جنيهًا ونصف الجنيه في الكيلو، وصغار المنتجين يكسبون جنيهًا واحدًا في الكيلو، ولو أنني تركت الشركة لباعت بـ3,5 جنيهات وحققت مكاسب لنفسها، وأحدثت خسائر لصغار المنتجين الذين لن يستطيعوا المنافسة أمام منتجات هذه الشركات، ولتوقفوا عن العمل، وتدمرت صناعة الدواجن، ورفضت رشاوى مالية كبيرة بأن أتجه لصالحهم في التسويق، واكتفيت بأن أنظم لهم نسبة الد***** والخروج؛ حتى لا يتأثر السوق ويضيع صغار المنتجين، وتصبح لهم الكلمة الأولى والأخيرة في إطعام الشعب المصري والتحكم في غذائه.
بورصة نموذجية
* ذكرت قبل الحوار أنك قمت بإعداد دراسة خلال (1998 و1999م)، وضعت خلالها مقترحات للارتقاء بنظام التسويق للوصول إلى التسويق النموذجي، من خلال بورصة للدواجن تستوعب كافة مدخلات ومخرجات هذه الصناعة، وتُدار بأسلوب علمي حديث ومدروس، يضمن لجميع العاملين في مجال الاستثمار الداجني حقوقهم، وتساوي بينهم، وتحفظ حقوق المواطنين وحق الدولة.. ما مصير هذه الدراسة الآن؟ وهل خرجت إلى النور؟
** في الحقيقة الدراسة لم تعرف النور؛ فهي خرجت من نور، وأدخلت في ظلام؛ ولكني أستطيع القول بأن أول معرفة المشتغلين في صناعة الدواجن بها كان في عام 2000م، وبالتحديد في معرض (إجرينا) بمركز المؤتمرات الذي دعاني إليه وزير الزراعة الأسبق يوسف والي؛ حيث ذهبت ومعي اثنان من العاملين في مجال الإنتاج الداجني من قريتي ميت العطار؛ وهما الحاج خالد البركاوي والحاج حمدي الحسيني، وقمنا بتوزيع 4000 نسخة من الدراسة على الحاضرين، فوصلت إلى الجميع وعلى رأسهم الاتحاد العام لمنتجي الدواجن.
إنفلونزا الطيور تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة |
مساومة
** بعد توزيع الدراسة، ووصولها إلى رؤساء مجالس إدارات الشركات الكبرى في الاتحاد العام لمنتجي الدواجن؛ قاموا باستدعائي على الفور، وعلى رأسهم أحمد الخياط (رئيس مجلس إدارة شركة القاهرة للدواجن)، وممدوح شرف الدين (رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن آنذاك)، والدكتور نجيب الهلالي (رئيس جامعة القاهرة) آنذاك، والمهندس محمود العناني (رئيس مجلس إدارة شركة الدقهلية للدواجن) و(الحاج أنور العبد)، والذين لم أذكر أسماءهم لأحد من قبل؛ حيث كانوا موكلين من قِبل شركات الاتحاد العام لمنتجي الدواجن من أجل مساومتي على إخفاء هذه الدراسة، والكف عن نشرها؛ لأن مضمونها سوف يضرهم ويمحو أمية صغار المنتجين، ويتساوى مكسب صغار المنتجين مع مكسبهم، كما أنها ستقضي على مساعيهم الرامية لاحتكار الصناعة في ذلك الوقت، والذين نجحوا فيه الآن، وعرضوا علىَّ أموالاً طائلةً في سبيل ذلك وقالوا لي: (أعطنا الدراسة، وسنحتفظ بها، ونعوضك عنها ماديًّا كما تحدد، وسوف ننشئ لك بورصة دواجن، تكون أنت مديرها، وبها سكن لك أنت وأولادك، ويصير ملكًا لك ولأولادك من بعدك)؛ ولكنني رفضت كل هذا؛ لأنهم بذلك يريدون احتكار الصناعة، وتدمير صغار المنتجين، والتحكم في قوت الشعب المصري.
تواطؤ
* وماذا حدث بعد هذا الرفض؟
** أعلنوا الحرب عليَّ، وأرسلوا مندوبًا من طرفهم يُدعى عبد الغفار يوسف عبد الغفار (مدير البورصة الحالي) إلى عدلي حسين (محافظ القليوبية)؛ لإقناعه بضرورة إنشاء بورصة خاصة بالاتحاد العام لمنتجي الدواجن، وقالوا له إن هناك شخصًا اسمه (محمد غريب) رفض مليارات الجنيهات؛ لاستخدامه أسلوب حديث في تسويق الدواجن، وقلبوا الآية بأني أنا المستفيد الأول من هبوط أسعار الدواجن، وأني أنا المتحكم في هذه الصناعة، وأقف ضد مصالحهم، وأغروه بأنني إنسان عادي وأقل من العادي، وعملي كله في الفساد ومعطل هذه الصناعة، وبعدها قام المحافظ باستدعائي رسميًّا في عام 2002م بإرسال فاكس رقم 240 بتاريخ 9/2/2002م إلى رئيس مجلس مدينة بنها؛ حيث إن موقع التسويق القديم كان يتبع مجلس المدينة.
سرقة علني
* وما نتيجة الاستدعاء، والتحقيق معك؟
** سألوني عن الدراسة، وما لديَّ من مقترحات، فذكرت لهم سلبيات التسويق منذ بداية صناعة الدواجن في مصر، وذكرت مقترحات لتلافي هذه السلبيات، وللارتقاء بعملية التسويق بصفة عامة، وقدمت لهم صورة ضوئية من الدراسة التي أعددتها، وأعطيتهم مذكرة موجزة بما تحويه الدراسة، واحتفظت بتفاصيل التطبيق العملي في ذهني؛ بحيث لا يستطيع أحد غيري تطبيقها، وبعدها قام المحافظ فور وصول محضر التحقيق إليه وفيه الدراسة بعقد جلسة للمجلس الشعبي المحلي لمحافظة القليوبية بتاريخ 19/2/2002م برئاسة محمد الفيومي، وقرروا إنشاء بورصة حديثة للدواجن، وأخذوا الدراسة، وحاولوا تطبيقها، وتم سرد محتوياتها وتفريغها في اللائحة التنفيذية للبورصة في 4/11/2002م، كما مارسوا ضدي أبشع الجرائم، واستغلوا سلطتهم واغتصبوني فكريًّا، وسرقوا خبرة 20 عامًا في التسويق، بذلت فيها من دمي، وهتكوا ستار عقلي، وسرقوا دراسةً عكفت على إعدادها عامين كاملين.
وعندما قلت إن هذه الدراسة ملكي قاموا بإرهابي وتهديدي بالاعتقال؛ حيث أرسل المحافظ لي محمد العناني (عضو مجلس شعب سابق عن الح***** الوطني) لتهديدي، وقال لي أمام أحد أهالي قريتي اسمه (حسن بلال) إنه أخذ قرار اعتقالي من يد السيد المحافظ، ومنعه من اعتقالي، وبعدها أخذوني إلى مركز شرطة بنها بأمر من اللواء محمود لطفي السمان (مدير أمن القليوبية آنذاك)، ورئيس المباحث حسن ناجي، وهددوني بالاعتقال لو ذكرت أن الدراسة ملكي، وأن أقرُّ بأنها للمستشار المحافظ، ومكثت يومين في المركز، ثم قاموا بعد ذلك بالاتصال بعمدة القرية، وقالوا له: (قول لمحمد غريب إن هناك سحابة سوداء جاية عليه، وإحنا مش هنشيلها من عليه لو مسمعش الكلام).
وعرضوني على أمن الدولة في بنها، وهدَّدوني بالاعتقال والقتل إذا لم أرجع عن اللي في دماغي، وقال لي السكرتير العام للمحافظ أحمد العربي آنذاك بأن الجميع سوف يشتغلون بهذه المهنة إلا أنت بالاسم، وقام عبد الغفار يوسف بنشر شائعات بأنني سوف أعتقل اليوم قبل غد من أجل تهديدي، وقمت على الفور بترك البلد، وهربت واختبأت في البحيرة، بعد أن دمروني وأنا أعول 30 فردًا؛ أبنائي وأبناء إخوتي، وتحطمت، ولي أكثر من 4 ملايين جنيه عند التجار ضاعوا، وضاع التجار بسبب عشوائية البورصة واحتكارها من قِبل الاتحاد العام لمنتجي الدواجن.
رجال السلطة
* تقول إنك لم تذكر كل ما عندك في الدراسة، لماذا؟
** لأنني لو قلت كل ما لديَّ في هذه الدراسة لكان مصيري الوحيد هو القتل، ولما بقيت على قيد الحياة؛ حتى تقابلني وتجري معي هذا الحوار؛ لأن النظام الذي كنت أعتزم تنفيذه في بورصة الدواجن التي وضعت خطوطها العريضة فقط في هذه الدراسة سيضر بمصالح رجال السلطة والمال الذين يريدون احتكار كل مقومات الحياة في مصر، والذين لن يتوانوا في القضاء على كل ما يؤرقهم، أو يعطل مصالحهم حتى لو كان بالقتل.
* ما مظاهر الفشل في بورصة الدواجن الجديدة؟
** من أول مظاهر فشل هذا المشروع المغتصب هو أن مدير البورصة رجل أعمال وجميع شركاته التي يمتلكها تعمل في مجال الدواجن، كما أنه منتخب من قِبل الاتحاد العام لمنتجي الدواجن، والذي يسيطر عليه رجال السلطة والمال، فهؤلاء يهمهم رفع أسعار مقومات هذه الصناعة، فتم رفع سعر الكتكوت من 1.50 جنيه إلى 7,5 جنيهات؛ لأنهم هم الذين يمتلكون أمهات الكتاكيت، وينتجونها في معاملهم، كما أنهم هم الذين يستوردون خامات الأعلاف، ويصنعونها في مصانعهم؛ حيث إن الخامات والأدوية لا تدخل مصر إلا عن طريق الاتحاد، كما أن لديهم دعمًا 1% من وزارة المالية على كافة مدخلات الصناعة خاصة بمزارع الاتحاد وشركاته.
فهم رفعوا أسعار مقومات الصناعة على المنتج الصغير، أما هم فاحتفظوا لأنفسهم بأقل الأسعار؛ لأن لديهم دعمًا من وزارة المالية، كما أنهم يأخذون أجود أنواع الكتاكيت لمزارعهم، ويخرجون الأقل جودة لصغار المنتجين، فبسيطرة الاتحاد العام لمنتجي الدواجن على البورصة، نجحوا في عمل تحالف يحث على رواج منتجهم في البورصة، يعني قاضٍ وجلاد في نفس الوقت، وترتب على ذلك أن الدورة بعدما كانت تتكلف من 20 إلى 25 ألف جنيه أصبحت تتكلف ما يزيد على 60 ألف جنيه لدى المنتج الصغير، بالإضافة أنه لا يضمن ربحه بجوار شركات الاتحاد.
محمد غريب |
* هل لديك ما يثبت حق ملكيتك لهذه الدراسة؟
** نعم، فبعد التحقيق معي ذهبت إلى الشهر العقاري ببنها لتسجيل حق ملكيتي للأفكار المطروحة في الدراسة؛ ولكن سلطة المحافظ حالت دون تحقيق ذلك، بالرغم من تعدد محاولاتي، فلجأت إلى الشهر العقاري ببسيون التابع لمحافظة الغربية، وسجلت حق ملكيتي لجميع الأفكار المعروضة في الدراسة.
ما موقفك الحالي تجاه ما حدث معك من سرقة الدراسة؟
** قمت برفع قضية سرقة أفكار ضد محافظ القليوبية في 26/6/2003م، وتمَّ حفظ التحقيق في 30/11/2004م بعدما أخذ جنحة رقم 3645 بندر بنها، ورفعت دعوى حساب على شركة القاهرة للدواجن، ورفعت دعوى تعويض قدرها 50 مليون جنيه ضد مدير البورصة لسرقة الأفكار، وسوء إدارة البورصة، وظهور الاحتكارية، وضياع صغار المنتجين، وأرفقت صورةً رسميةً لمحضر التحقيق معي في مجلس مدينة بنها أمام قسم التفتيش المالي والإداري بتاريخ 10/2/2002م، وكذلك صورة رسمية من القرار رقم 205 بإنشاء بورصة للدواجن بمحافظة القليوبية بتاريخ 19/2/2002م أي بعد التحقيق معي بـ9 أيام، وصورة رسمية من القرار 206 الذي به الهيكل التنظيمي لمجلس إدارة البورصة، بالإضافة إلى صورة رسمية من اللائحة التنفيذية للبورصة، والتي هي مأخوذة كلها من الدراسة وشهادة رسمية من الشهر العقاري ببسيون، وهي مطروحة للنظر في 17/10/2009م المقبل.
* هل تظن أنك ستنجح في إثبات حقك أمام سطوة رجال السلطة والمال؟
** الأمل في الله عزَّ وجلَّ كبير جدًّا، ثم في نزاهة القضاء المصري، وما زالت المعركة مستمرةً؛ حتى يظهر الحق، فأنا لا أكلُّ ولا أملُّ من العمل لإثبات حقي.